في عدد الجريدة الرسمية ـ للجمهورية الإسلامية الموريتانية ـ رقم 1419، بتاريخ 15 أغسطس 2018، نُشِرَ القانون رقم 023/2018 المتعلق بتجريم التمييز.. وهو قانون جديد، أصبح من تاريخ نشره نافذا، تجري أحكامه على الوقائع التي ترتكب في ظله، لكن العلم به لم يحصل بعد للجمهور، بالقدر الكافي، لذلك أقدم النبذة التعريفية التالية عنه، مساهمة في نشر الوعي بأحكامه.
أولا: معلومات عامة
يتكون هذا القانون من 29 مادة، تتوزعها أربعة فصول، يتناول الفصل الأول منها أحكاما عامة، في قسمين، ينظم أولهما: تعريفات، وينظم الثاني الإجراءات المؤسسية، ويتناول الفصل الثاني: العنصرية، بينما يتناول الفصل الثالث التمييز، والرابع أحكاما ختامية..
ثانيا: الأحكام العامة في القانون
1 ـ في التعريفات: يعرف القانون التمييزَ، وخطابَ الكراهية (المادتين الأولى والثانية)، فالتمييزُ في مفهوم هذا القانون يقصد به: « أي تفريق أو تهميش، أو تقييد، أو تفضيل يهدف، أو يمكن أن يهدف، أو يقضي إلى تخريب، أو عرقلة، أو الحد من الاعتراف، أو من التمتع، أو من منع ممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية »، أما خطاب الكراهية، فيقصد به في مفهوم القانون: « التصريحات العامة التي تهدد أو تهين، أو تحط من شأن مجموعة معينة، أو تحتقرها، بسبب الانتماء العرقي، أو اللون، أو الأصل الإثني، أو على أساس الجنسية، أو الإعاقة، أو الجنس ».
وفِي التعريفات، يعرف القانون كذلك: الجماعات ذات الهوية المحددة، بأنها « كل جماعة تتميز بلونها، أو انتمائها العرقي أو أصلها الإثني، أو جنسها ».
2 ـ في الأحكام العامة: ينص القانون على حظر جميع أشكال التمييز، القائمة على الانتماء لإثنية، أو عرق، أو لغة، وعلى أن الدولة تضمن احترام هذا المبدأ.. ويستثني القانون من الحظر: القوانين والبرامج والأنشطة الهادفة إلى تحسين أوضاع الأفراد، أو الجماعات المحرومة، ويصنفها في إطار الأفعال الإيجابية التي لا يعاقب عليها.
3 ـ في الأحكام العامة أيضا ينص القانون على:
ـ عدم التقادم بالنسبة للجرائم المتعلقة بالعنصرية، والتمييز، وأشكال خطاب الكراهية.
ـ مبادرة وكيل الجمهورية تلقائيا، إلى متابعة مرتكب جرائم العنصرية، دون شكوى مسبقة، من الأشخاص والجماعات الذين يقعون ضحية لها.
ثالثا: الأفعال المجرمة بهذا القانون
جَرَّم القانون مجموعة من الأفعال (15 فعلا) نستعرضها، بشكل مختصر فيما يلي:
ـ تشجيع الخطاب الديني المحرض ضد المذهب الرسمي للجمهورية الإسلامية الموريتانية.
ـ التحريض على التمييز والكراهية والعنف ضد شخص، أو مجموعة أشخاص بسبب الأصل أو الإثنية أو العرق.
ـ الألفاظ والكتابات أو الصور ذات الطابع العنصري.
ـ نشر أو توزيع أو دعم أو إرسال الألفاظ العنصرية التي يمكن أن تنم عن نية الإساءة المعنوية أو المادية، أو تحث على تشجيع الكراهية.
ـ الحث على كراهية جماعات ذات هوية محددة.
ـ التحريض على التمييز أو الكراهية ضد شخص بسبب عرقه، أو لونه، أو انتمائه، أو جنسيته، أو اثنيته، في اجتماعات أو أماكن عمومية، أو بحضور أشخاص، سواء كان ذلك بواسطة كتابات مطبوعة أو غير مطبوعة، أو صور، أو رموز ملصقة، أو موزعة، أو مباعة، أو معروضة للبيع، أو بواسطة كتابات لم تنشر، لكنها أرسلت أو أبلغت لعدة أشخاص.
ـ التحريض على التمييز أو الفصل أو الكراهية أو العنف ضد جماعة أو فئة، أو ضد أعضائهما، بسبب عرق أو لون، أو انتماء، أو جنسية، أو إثنية تلك الجماعة أو الفئة.
ـ اللجوء إلى التمييز
ـ الترويج للجوء إلى التمييز
ـ التمييز القائم على خدمة معينة، ويتعلق هذا الفعل بارتكاب تمييز عند تقديم عمل أو خدمة أو سلعة ضد شخص بسبب عرقه أو لونه أو انتمائه، أو أصله، أو جنسيته.
ـ التمييز في العمل أو التوظيف، أو التكوين المهني، أو عروض التشغيل، أو الاكتتاب، أو تنفيذ التعاقد على العمل، أو فصل العمال.
ـ التمييز عن طريق الصحافة، ويشمل التحريض على التمييز أو الكراهية، أو العنف أو السب بسبب الأصل، أو الانتماء العرقي أو الإثني أو الجنسية، أو تمجيد ذلك عن طريق الصحافة، أو وسائل الاتصال الأخرى.
ـ ممارسة التمييز في إطار جماعة، ويشمل الانتماء إلى تكتل أو جمعية تمارس التمييز، أو الفصل، أو تحث عليهما، أو تساعد على ذلك.
ـ التمييز الممارس من طرف الموظف العمومي ضد شخص بسبب عرقه، أو لونه، أو انتمائه، أو أصله.
ـ ارتكاب أعمال تعسفية من خلال تزوير أو محاكاة توقيع موظف عمومي.
رابعا: العقوبات التي رتَّب القانون
رتب قانونُ تجريمِ التمييز، مجموعة من عقوبات الحبس، على الأفعال التي جَرَّمَها، مع عقوبات مالية إضافية (غرامات)، وعقوبات تكميلية يمكن تطبيقها في كل الحالات، تتعلق بالمنع من الحقوق الوطنية والمدنية والعائلية بشكل كلي أو جزئي لمدة خمس سنوات، ونستعرض فيما يلي مجموعة العقوبات الحبسية التي نص عليها القانون.
1 ـ عقوبة الحبس من سنة إلى خمس سنوات، وتترتب على تشجيع الخطاب الديني المحرض على المذهب الرسمي للجمهورية الإسلامية الموريتانية.
2 ـ عقوبة الحبس من 6 أشهر إلى سنة، وتترتب على ارتكاب أفعال التحريض على التمييز والكراهية والعنف، وعلى ارتكاب أفعال التمييز القائمة على خدمة معينة، وأفعال التمييز الممارسة في إطار جماعة.
3 ـ عقوبة الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات: بالنسبة للألفاظ والكتابات أو الصور ذات الطابع العنصري، وكذلك بالنسبة لارتكاب أفعال:
ـ نشر أو توزيع أو دعم أو إرسال عبارات يمكن أن تنم عن نية في الإساءة المعنوية أو المادية، أو تشجع على الكراهية.
ـ الحث على الكراهية
ـ التحريض على التمييز ضد جماعة
ـ اللجوء إلى التمييز
ـ الترويج للجوء إلى التمييز
ـ التمييز في العمل
ـ التمييز عن طريق الصحافة
4 ـ عقوبة الحبس من شهر واحد، إلى سنة: وتترتب على ارتكاب أفعال التحريض على التمييز، أو الكراهية، أو العنف ضد شخص بسبب عرقه، أو لونه، أو انتمائه، أو جنسيته، أو أصله الإثني، إذا وقع ذلك خلال اجتماعات أو في أماكن عمومية، أو بحضور شهود، أو بواسطة كتابات مطبوعة، أو غير مطبوعة، أو صور أو رموز ملصقة، أو موزعة، أو مباعة، أو معروضة للبيع، أو للجمهور، أو تم ذلك بواسطة كتابات لم تنشر، لكنها أرسلت أو أبلغت لعدة أشخاص.
5 ـ عقوبة الحبس من سنة إلى سنتين: وتترتب على أفعال التمييز المرتكبة من طرف الموظفين العموميين.
6 ـ عقوبة الحبس من 3 إلى 5 سنوات: وتترتب على ارتكاب الأعمال التعسفية، عن طريق تزوير ومحاكاة توقيع الموظفين العموميين.
7 ـ رتب القانون أيضا عقوبات مالية (غرامات) إضافة لعقوبات الحبس، آثرتُ عدم تفصيلها، تجنبا لأكثر من هذا من الإطالة.
خامسا: ظروف مشددة.
نص القانون على ظروف مشددة، في حالة توافرها تشدد العقوبة المالية (الغرامة) خاصة، وتتعلق هذه الظروف أساسا بارتكاب الصحفيين لجرائم التمييز بواسطة الصحافة، وكذا قيامهم بنشر الألفاظ والكتابات أو الصور ذات الطابع العنصري (المادتان 12 ـ 21).
سادسا: أحكام أخرى
نص القانون في مادته التاسعة على تخصيص يوم وطني، لمحاربة الممارسات التمييزية، على أن يحدد هذا اليوم، وطرق تخليده بمرسوم..
وأعطى القانون في المادة 26 منه، للجمعيات التي تهدف إلى الدفاع عن حقوق الإنسان، المتمتعة بالشخصية القانونية منذ ما لا يقل عن خمس سنوات، الحقَّ في الترافع في جميع النزاعات التي ينطبق عليها هذا القانون.
أحمد عبد الله المصطفى، قاضي ووكيل الجمهورية بنواكشوط الغربية