يؤكد رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني في كل مرة ، ويوما بعد يوم أنه مختلف عن ما عهدناه في السياسة والحكم ، مختلف في نهجه ، في سكوته وكلامه ، مختلف في مقارباته للأمور العامة ، مختلف في سياسة الحكم و"الكلام" ، وما حديثه الأخير أمام جاليتنا في إسبانيا إلا تجل من تجليات هذا الاختلاف .
إن أول خطوة في اتجاه العلاج هي تشخيص الداء ، والاعتراف به ، والصدق مع الذات ، وهذا ما لم نألفه من سياسيينا للأسف ، ولذلك فاجأنا رئيس الجمهورية حين تجاوزنا بصدقه في مقاربته للواقع ، لكننا نسينا أن الصدق منجاة ، وأن العرب تقول "إن الرائد لا يكذب أهله " .
تجاوز رئيس الجمهورية بعفوية نادرة اللغة الخشبية التي عهدناها من سياسيينا ليؤكد لنا الحقيقة المرة التي أثبتتها مؤشرات الأمم المتحدة وهي أننا بلد فقير ، لكن ذلك ليس نهاية التاريخ ، فالآفاق واعدة ، والفقر ليس قدرا بكل تأكيد .
كان على أصحاب الحملات المضادة أن يدركوا "أن الأماني والأحلام تضليل " ، وأن يعترفوا بحسنة اعتراف إحساس رئيس الجمهورية بما يعانيه شعبه ، واحترامه لعقول مواطنيه وهو يخاطبهم ويحاور نخبة منهم ، لا يريد لها أن تكون طوباوية في طرحها ، فالمطالب ستتحقق لكن بعقلانية ، والخطابات الرسمية ليست دائما ذات أغراض سياسية وانتخابية ، والاطلاع على حال المواطن يقتضي تفاعلا معها دون طلاء ، والاستماع لها دون انزعاج .
المكابر هو من فاجأه خطاب الرئيس في إسبانيا ، لأنه خطاب تصدقه الوقائع ، وتشهد له التصنيفات الأممية ، وهو فوق هذا وذاك خطاب شكل قطيعة مع سياسة خداع "الذات " التي آمن بها سياسيونا ردحا من الزمن ، وجعلتهم "يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم " ، يمدحون واقعا يلعنونه في بيوتهم كل حين ، وكأنهم بذلك يكرسون سياسة الرجل الذي كان يُجهز عند كل انقلاب بيانين أحدهما معارض والآخر مؤيد ليضمن لنفسه البقاء في سفينة من "يخادعون أنفسهم " .
اليوم ندرك سر الذهول والانبهار الذي أصاب كل سياسيينا من من حظوا بلقاء الرئيس ، وخرجوا وهم يثنون عليه ، فيما لم يزد على أنه كان صريحا معهم ، صادقا في قوله ، واقعيا في طرحه ، محترما لعقول مخاطبيه ،.
إن على منتقدي خطاب الرئيس في مدريد أن يأكلوا ألسنتهم ، ويعترفوا له بالفضل في كشف الحقيقة التي حجبها النفاق عنا سنوات عديدة ...
عودوا إلى أنفسكم ...ودعوكم من سياسة النعامة فدولتكم فقيرة لكن الفقر ليس قدرا !!!!